الخميس، 21 أبريل 2011

عن سقوط القناع

النظام الجزائري شرع في جمع المبررات والمسوغات التي ستدفع به للتدخل علنيا وعسكريا لإنقاذ حليفه القذافي‏

لدى العرب مثل سائر يقول : ( يكاد المريب يقول خذوني ) ومعناه أن المشبوه يورط نفسه من حيث يريد تخليص نفسه من التهمة ، وهذا ما وقعت فيه جريدة الشروق اليومي الجزائرية …. ويبدو مما جاء في مقال لها منشور يوم 18 أبريل 2011 أن النظام الجزائري قد شرع في جمع المبررات والمسوغات التي ستدفع به للتدخل علنيا وعسكريا لإنقاذ حليفه القذافي ... وقد حذرنا من عودة القذافي وقلنا إن عودته ستضع منطقة المغرب العربي على فوهة بركان ( انظر مقال : هل عودة القذافي ستضع المغرب العربي على فوهة بركان ؟ ) المنشور يوم 19 مارس 2011 في ركن أصوات من المنفى في هذا الموقع الموقر ... وكانت فكرة الموضوع تدور حول " دفاع النظام الجزائري عن نظام القذافي ومحاولة عرقلة أي قرار عربي ضد نظام زنقة زنقة ، وشجب أي قرار دولي من أجل إنقاذ الشعب الليبي من الآلة الفتاكة للقذافي وأبنائه القتلة ، وقد كانت أولى بوادر هذا الحلف الجديد القديم بين النظامين الفاشستيين الجزائري والليبي هو تدفق مرتزقة البوليزاريو على ليبيا لمناصرة القذافي ورد جميله باعتباره أحد أركان الثالوث الذي صنع البوليزاريو [ فرانكو + القذافي + مخابرات بومدين ] ....
إن تزايد الاحتجاج الذي يكرره المجلس الانتقالي الليبي لدى الجامعة العربية يؤكد أنه لدى الثوار الليبيين دلائل قاطعة على تورط حكام الجزائر في سفك دماء الشعب الليبي ... لكن الرد الانفعالي للعسكر الحاكم في الجزائر على هذه الاتهامات ، والطريقة المتشنجة التي تناولت بها جريدة ( الشرور اليومي ) خبر رفع الشكوى للجامعة العربية كل ذلك يكاد يفضح تورط الفاشيست الحاكم في الجزائر في الصراع بين الثوار وكتائب القذافي ... لقد ادعت الجريدة السيئة الذكر أن المغرب وفرنسا هما اللذان يحركان ثوار ليبيا ... ففي مانشيت صارخ وفاقع لاطعم له ولا لون ... مانشيت فج تصدر الجريدة يقول : [ المعارضة الليبية تتحول إلى أداة في يد المخابرات الفرنسية والمغربية .]
["الثوار" يستفزون الجزائر ويشكونها للجامعة العربية .] وزيادة في تبخيس حق الشعب الليبي في الثورة على دكتاتورية القذافي وأبنائه ...تبخيس الثورة على أربعة عقود من الاستعباد تحت نظام شمولي بدائي متخلف .... تبخيس حق الشعب الليبي في التمرد على طغيان رجل ينتمي لجاهلية القرن العشرين البائدة ، زادت الجريدة عنوانا آخر تمهد به الطريق للتدخل العسكري للنظام الديكتاتوري الجزائري لمساعدة القذافي عسكريا وبالمكشوف هذه المرة حيث ادعت أنه تم القضاء على إرهابيين قادمين من ليبيا بالمانشيت التالي : " القضاء على 7 إرهابيين في تمنراست بينهم ليبي وحجز أسلحة ثقيلة مضادة للطيران قادمة من ليبيا " .... ولم تنج المعارضة الجزائرية الشريفة من طيش هذه الجريدة المخابراتية حيث زجت بها بإشارة تحمل التهديد والوعيد في المانشيت التالي : " مبعوثون عن حركة رشاد إلى بنغازي وراء حملة تشويه صورة الجزائر" ... بكل ذلك وبغيره يكاد النظام الجزائري يعترف بتورطه في البركة الدموية بالأرض الليبية ، حيث يصدق عليه المثل القائل : يكاد المريب يقول خذوني !!!
إن شرفاء العالم كلهم يقفون اليوم مشدوهين أمام استعمال الآلة الفتاكة لكتائب القذافي ومرتزقته ضد شعب أعزل ، والكل يندد بذلك ، والكل يصرخ : لا تساس الشعوب بالحديد والنار ، إلا حكام الجزائر الذين عابوا على حركة جزائرية معارضة إنسانية ومسالمة مساندة شعب شقيق يقطع المرتزقة أوصاله ويفتتون أجساده بالقنابل المحللة والمحرمة دوليا ...
إن للشعب الجزائري مع الحركي الحاكم في الجزائر تاريخا طويلا في الكذب والبهتان والتضليل الإعلامي وتزييف الحقائق ما يجعله متأكدا من صحة ما ينفيه حكامه رسميا على صفحات جرائده المخابراتية ووسائل إعلامه البدائية ...
فجريدة الشرور اليومي لا تعترف بثورة الشعب الليبي وتشير للثوار بقولها : [ من يطلقون على أنفسهم ثوار] وهم ثوار إلا عند حكام الجزائر فقد تساووا في ذلك مع القذافي الذي نعتهم بالجردان ... ولا يستبعد أن نسمع ونرى قريبا حملة إعلامية مسعورة للنظام الجزائري ضد ثوار ليبيا ، فقد بدأت ملامح هجمة شرسة مفضوحة ضدهم لقلب موازين القوى لصالح حليفهم الفاشستي العقيد القذافي ، وما هذه الفلتات الإعلامية المضللة إلا أول القطرات ...
تعترف جريدة الشرور اليومي في هذا المقال بأن العقيد القذافي قد أعطى أوامره للجيش الليبي بالانسحاب من الحدود مع الجزائر ، وتعترف صراحة أن الذي تكلف بمهمة حراسة هذه الحدود هو الجيش الجزائري ، إذن فقد ترك القذافي حراسة هذه الحدود لحلفائه من حكام الجزائر ليزودوه من خلالها بما يحتاجه من المرتزقة والسلاح ولضرب الثوار من الخلف ...
لقد كشف النظام الحاكم في الجزائر عن عداوته للشعب الليبي الثائر ، وانضمت جريدة الشرور اليومي لجوقة القذافي الإعلامية حينما نعتت الثوار بأنهم مجرد [ أشباه ثوار ] وزادت إمعانا في اصطفافها مع القذافي حينما ادعت أن " قادة المجلس الليبي يحاولون التغطية على جرائمهم في حق الشعب الليبي." .... يا سبحان الله ثوار ليبيا أصبحوا مجرمين في عرف حكام الجزائر وجريدتهم الشرور اليومي المخابراتية !!!
بهذا الهذيان الذي يدل على ترنح النظام الجزائري بفعل الضربة الفضائحية التي تلقاها من المجلس الوطني الليبي أمام المحافل العربية والدولية والتي سيزيدها على فضائحه المتراكمة ، يمكننا أن نتساءل :
* ألا يمهد النظام الجزائري الحاكم لخلط الأوراق والدخول مباشرة فيما يجري بليبيا ؟
* ألا نلاحظ أن نظام الحركي الحاكم في الجزائر يستجمع المبررات تلو المبررات لضرب القواعد الثورية في ليبيا انسجاما مع مواقفه المتحفظة على القرارت العربية والدولية بخصوص ما يجري في ليبيا ؟
* ماذا يعني حشر المخابرات المغربية في الموضوع وليس بين المغرب وبين ليبيا حدود إلا في مخيلة من أدَّوْا قسم العداء للمملكة المغربية حتى الممات .؟
* ألا يمكن اعتبار إشهار ورقة تسلل الإرهابيين من ليبيا تمهيدا لتبرير التدخل العسكري في ليبيا لإنقاذ حليف الأمس الآيل للسقوط .؟
* هل استشعر النظام العسكرتاري في الجزائر خطورة انهيار نطام شمولي من بني جلدته وشرع في الدفاع الاستباقي قبيل انتقال العدوى إلى أوصاله المهترئة ؟
إن ما يجمع النظامين الليبي والجزائري أكثر مما يفرقهما : نظامان عسكريان شموليان من مخلفات الحرب الباردة البائدة ... نظامان متسلطان على شعبيهما ويتحكمان في رقاب شعبيهما بالحديد والنار ... نظامان نهبا خيرات شعبيهما وأطعما الشعبين ملايير الأطنان من الشعارات الرنانة حول الثورة وأمجادها وحول مناصرة شعوب العالم المقهورة ... نظامان مهترئان منخوران لا يمتان لهذا العصر بصلة ... نظامان يعتمدان على مخابرات عسكرية تقتل الشعب بدم بارد[ ضحايا العشرية السوداء في الجزائر و جرائم القذافي المسكوت عنها قديما وما تقترفه يداه اليوم نهارا جهارا ] ..
بمثل هذه الردود الانفعالية ، والمواقف المتشنجة ، والصلف والمكابرة كان يرد القذافي ونظام بن علي وحسني مبارك ...إن الغطرسة والنزق والمراهقة السياسية من شيم المتنطعين من حكام الجزائر المرضى بجنون العظمة وعمى البصيرة ... إنها علامات الخرف السياسي ... فبدل التروي والاتزان في التعاطي مع مثل هذه الحوادث المحتملة جدا في مثل هذه الظروف المعقدة ، فقد سارع نظام الحركي بنفي التهمة وكأنه مستعد في أي لحظة لاستقبال هذه التهم ... كأنه ينتظرها للرد عليها مما يدل على أن بوصلة النظام الحاكم في الجزائر قد تعطلت فسقط في التخبط والشطط السياسي .

سمير كرم للجزائر تايمز

ليست هناك تعليقات: